مقال شخصي ( قضاء وقدر )

مقال شخصي ( قضاء وقدر )
السلام عليكم

جف القلم ، رفعت الصحف ، قضي الأمر ، كتبت المقادير ، ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن يصيبك.

إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية ، والمحنة منحة ، وكل الوقائع جوائز

فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن ، أو خسارة مالية ، أو

احتراق بيت ، فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل ، والاختيار هكذا ، والخيرة لله، والأجر حصل ، والذنب كفر.

هنيئأ لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ ، المعطي ، القابض ، الباسط .

لن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك ، وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر ، جف القلم بما أنت

لاه فلا تذهب نفسك حسرات ، لا تظن أنه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار ، وحبس الماء أن ينسكب ، ومنع

الريح أن تهب ، وحفظ الزجاج أن ينكسر ، ليس بصحيح رغما عنك ، وسوف يقع المقدور ، وينفذ

القضاء ، ويحل المكتوب ..

استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل ، اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم ،

فليهدا بالك إذا فعلت الأسباب ، وبذلت الحيل ، ثم وقع ما كنت تحذر ، فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ، إن بعد

الجوع شبع ، وبعد الظمأ ري ، وبعد السهر نوم ، وبعد المرض عافية ، سوف يصل الغائب ، ويهتدي الضال ،

ويفك العاني ، وينقشع الظلام ..

إذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد ، فاعلم أن وراءها رياضا خضراء وارفة الظلال.

إذا رأيت الحبل يشتد ويشتد ، فاعلم أنه سوف ينقطع.

مع الدمعة بسمة ، ومع الخوف أمن ، ومع الفزع سكينة ..

إن عبيد الساعات الراهنة وأرقاء الظروف القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسة ، لأنهم لا ينظرون إلا إلى

جدار الغرفة وباب الدار فحسب. ألا فليمدوا أبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار.

إذا فلا تضق ذرعأ فمن المحال دوام الحال ، والأيام دول ، والدهر قلب ، والليالي حبالى ، والغيب مستور ،

والحكيم كل يوم هو في شأن ، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرأ ، وان مع العسر يسرأ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More